
وقال الأستاذ الجماعي في تصريح للمدينة أف أم، خلال ندوة صحفيّة عقدتها هيئة الدفاع عن شركة انستالينغو اليوم الاثنين 17 جويلية، لبيان بعض المستجدات في ملف القضيّة: “إنّه من الناحية الإجرائيّة، أي قضيّة جنائيّة ينظر فيها على شقّين؛ شق لدى قاضي التحقيق وشق لدى دائرة الاتهام بطريقة آلية ما لم يستأنف المتهمون”، مشيرا إلى أن المتهمين سجّلوا استئنافهم وبالتالي ستنظر في استئناف المحامين من جهة، الذين يطلبون حفظ القضيّة والإفراج عن المتهمين، ومن جهة أخرى تنظر في استئناف النيابة العموميّة.
وأبدى محامي شركة انستالينغو استغرابه من استئناف النيابة الذي وصفه بـ”الطريف”، مبيّنا التضارب في أفعال النيابة من خلال تسجيل استئنافها منذ اليوم الأوّل بخصوص مجموعة أشخاص أهمّهم من وقع حفظ التهم في حقّهم وخرج الخبر عن أنّهم 5 أشخاص مشمولين باستئناف النيابة العموميّة، وبعد أيّام وسّعت النيابة طعنها ليشمل أشخاص آخرين وعناوين جديدة”.
وقال الجماعي إنّ التهم يمكن تقسيمها حسب التكييف القانوني ومن الناحية الإجرائيّة إلى جزئين: جرائم أصليّة وجرائم مشاركة، ومن الناحية الموضوعيّة هناك جرائم حق عام تخص التآمر على أمن الدولة وفعل أشياء موحشة ضدّ الرئيس وكذلك حثّ السكّان على الاقتتال والقائمة التي تستعملها السلطة السياسيّة في جميع العصور والأزمان لإلصاقها بمعارضيها السياسيّين، ونوع ثاني من التهم المتمثّلة في التهم الاقتصاديّة المتعلّقة بتبييض الأموال والإثراء دون سبب وغير ذلك.
وذكّر رئيس هيئة الدفاع بالتسلسل الزمني للقضيّة التي انطلقت في سبتمبر 2021 بمداهمة الشركة وحجز كل معداتها، وإيقاف عشرات الموظفين من صحفيين وتقنيين وإداريين وأفراد من عائلة صاحب الشركة، وتمّ التحقيق معهم يومين دون حضور محام بحجة أنها قضية إرهابية.
وتمّ بعد أيام تصحيح الإجراءات بعد حضور المحامين فأعيدت الإجراءات ولمّا لم يجد القاضي شيئا في الملف أبقى الجميع في حالة سراح.
وبيّن الجماعي أنّه بعد ذلك انطلق الأخذ والردّ بين النيابة وقاضي التحقيق الذي نزل عند ما يفترض أنه رغبة النيابة وتخلّى عن الملف لفائدة قطب الإرهاب، لتخرج النيابة باعتراض على هذا القرار وتصر على بقاء الملف في سوسة وتصرّح بأن الملف لا يتضمن ما يستدعي ذلك ثمّ جاءت إعفاءات قائمة الـ57 قاضيا، وتم عزل سامي المهيري القاضي المتعهّد بالقضيّة وبقي الملف معلقا.
وفي جويلية 2022، قررت النيابة العمومية ذاتها، في المحكمة نفسها، افتتاح أبحاث جديدة في الموضوع الذي فتحت فيه القضية الأولى، لكن هذه المرّة تم إقحام أسماء أمنيين، إعلاميين، سياسيين، شخصيات عالمية، زعماء دوليين، ومدونين تونسيين. وبعد سنة كاملة صدر قرار ختم البحث في هذه القضيّة.
وعرّج الجماعي في مداخلته على الإخلالات الإجرائيّة التي صاحبت القضيّة، مبيّنا أنه لا يوجد شيء في هذه القضية يستند إلى المحجوز أو السماعات والاستنطاقات وأن كل شيء في هذه القضية يعتمد حصريا على تقارير أمنية ووشايات ومنشورات فيسبوك.
وأشار الجماعي إلى الإصرار الغريب للنيابة العموميّة على بقاء ملف القضيّة في محكمة سوسة واعترضت أي محاولة لتحويل الملف إلى القطب المالي أو قطب مكافحة الإرهاب أو المحاكم العسكريّة، مشدّدا على أن ذلك يعود أساسا إلى علم النيابة أن هذه الجهات ستغلق الملف لغياب أدلّة تدين المتهمين.
وقال المحامي إنّ التهم الموجّهة تستند بشكل أساسي إلى ما يعرف بتسريبات عادل الدعداع، مبديا استغرابه من أنّ هذا التسجيل ظهر للعلن بعد أشهر طويلة من انطلاق الأبحاث.
وأشار الجماعي إلى أن التسجيل نشر بشكل متقطّع ولا وجود لنسخة أصليّة كاملة، مؤكّدا أنه لا أحد يمتلك النسخة الأصلية الكاملة، وأنّ القاضي لم يكلف نفسه التثبت من صحة التسجيل أو من إمكانية أن يكون قد تم التلاعب به، وإنما اكتفى بتشابه الصوت.
وأضاف أن التسجيل لم يذكر شركة انستالينغو لا من قريب ولا من بعيد.
وعن الوشاة، أكّد الجماعي أنّ من بين الركائز التي استندت إليها القضيّة هي الوشايات، مشدّدا على أن ربع السماعات هي وشايات من وشاة وقع انتقاؤهم، أحدهم اليوم عضو بالبرلمان وهو محلّ تتبّع في قضيّة قدّمتها شركة انستالينغو ومحل تتبّع في جريمة إرهابيّة وهو ما يبرّر عداوته للشركة.
كما أن من بين الوشاة، وفق تصريح الجماعي، أشخاصا مجهولين وأمنيّين معزولين، مبيّنا أن السلطة لجأت إلى مدير الاستخبارات وطلبت شهادته في القضيّة رغم أن القانون يمنع اعتماد تقارير الاستخبارات، قرائن.
وعرضت هيئة الدفاع خلال الندوة الصحفيّة شهادتين لمتهمين في القضيّة هما؛ رجل الأعمال عادل الدعداع والصحفية شهرزاد عكاشة.
وفي شهادته أكّد عادل الدعداع أنه ليس فارّا من القضاء وأنّه تحصّل على سراح بعد 14 ساعة من التحقيق، مشدّدا على أنه لا يريد العيش خارج تونس وأنه سيعود عندما يتأكّد أن القضاء مستقلّ وعادل وسينصفه.
وأشار الدعداع في شهادته إلى مظلمة تتعرّض لها ابنته التي أصبحت محلّ بطاقة جلب دوليّة بعد توريطها في القضيّة بسبب بعض الأموال التي أودعها في حسابها البنكي تحضيرا لافتتاح صيدليّة بعد إنهاء دراستها للصيدلة في رومانيا.
كما تحدّث الدعداع عن مظلمة أخرى تتعرّض لها زوجته، مبيّنا أنها تقبع في السجن منذ سنة فقط لأنها زوجة الدعداع، مشيرا إلى أن السلطات قالت لها إن إطلاق سراحها مشروط بتسليم الدعداع نفسه.
وشدّد الدعداع على أن هناك جهات تريد جعله صندوق أسرار راشد الغنّوشي، وقال في شهادته: “دائما ما يسألونني عن راشد الغنّوشي في حين أن الرجل عندهم لماذا لا يسألونه هو”.
من جانبها أكّدت الصحفيّة شهرزاد عكاشة في شهادتها المصوّرة التي عرضت خلال الندوة أنها لم تهرب، لكن اختفاءها كان خطوة وقائيّة بسبب انعدام ثقتها في القضاء، مشيرة إلى أنّ إقحامها في القضيّة كان بسبب رفضها توظيفها واستغلال المعطيات التي تملكها في ضرب أشخاص لصالح أشخاص آخرين.
وختم الأستاذ الجماعي الندوة بالقول: “سننتظر ما سيؤول إليه مصير الاستئناف يوم الخميس المقبل، ثم ستقرّر هيئة الدفاع تحرّكاتها القادمة بناء على ذلك”.